ثلاثة الأصول
- بسم الله الرحمن الرحيم
- الأصل الثاني: معرفة دين الإسلام بالأدلة
- المرتبة الثانية: الإيمان
- المرتبة الثالثة: الإحسان
- الأصل الثالث: معرفة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
اعلمْ -رحمكَ اللهُ- أَنَّهُ يجبُ علينَا تَعَلُّمُ أربعِ مسائلَ: الأُولى: العِلْمُ؛ وهوَ معرفةُ اللهِ،ومعرفةُ نبيِّهِ، ومعرفةُ دينِ الإسلامِ بالأدلةِ. الثانيةُ: العملُ بهِ. الثالثةُ: الدعوةُ إليهِ. الرابعةُ: الصبرُ علَى الأَذى فيهِ.
والدليلُ قولُه تعالَى: بسم الله الرحمٰن الرحيم ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾. قالَ الشافعيُّ -رحمَهُ اللهُ تعالَى-: «هذه السورة لوْ مَا أَنْزَلَ اللهُ حُجَّةً عَلَى خَلْقِهِ إلاَّ هي لَكَفَتْهُمْ».
وقال البخاريُّ -رحمَهُ اللهُ تعالى-: «بابٌ: العلمُ قبلَ القولِ والعملِ، والدليلُ قولُه تعالَى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ﴾»؛
فبدأَ بالعلمِ قبلَ القولِ والعملِ». اعلمْ -رحِمكَ اللهُ-: أنَّهُ يجبُ على كلِّ مسلم ومسلمة تَعَلُّمُ ثلاث هذه المسائلِ
والعملُ بهنَّ: الأولى: أنَّ اللهَ خَلَقنا ورَزَقَنا ولم يتركْنا هَمَلاً ؛ بل أرسلَ إلينا رسولاً،
فمنْ أطاعَهُ دخلَ الجنَّةَ، ومنْ عصاهُ دخلَ النّارَ. والدليلُ قولُهُ تعالى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ
كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا﴾. الثانية: أنَّ اللهَ لا يرضى أن يُشْرك معهُ أحدٌ في عبادتِه
لا نبيٌّ مُرْسَل ولا مَلَكٌ مُقَرَّب ولا غيرهما، والدليلُ قولُهُ تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾.
الثالثة: أنَّ مَنْ أطاعَ الرسولَ ووحَّدَ اللهَ لا يجوزُ لهُ مُوالاةُ مَنْ حادَّ اللهَ ورسولَهُ ولو كان أقْرَبَ قريبٍ،
والدليلُ قوله تَعَالىٰ: ﴿لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ
أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.
اعلَمْ -أرشدَكَ اللهُ - لطاعتِه أنَّ الحنيفيةَ -مِلَّةَ إبراهيمَ-: أنْ تعبدَ اللهَ وحدَهُ مخلصًا له الدِّين وبذلك أَمَرَ اللهُ جميعَ الناس
وخلَقَهم لها كما قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾، ومعنى ﴿يَعْبُدُونِ﴾: يوحِّدونِ. وأعظمُ ما أَمرَ اللهُ به: التوحيدَ،
وهو إفرادُ اللهِ بالعبادة. وأعظمُ ما نهى عنه الشركُ وهو دعوةُ غيرهِ معهُ؛ والدليل قوله تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾.
فَإِذَا قِيلَ لَكَ: مَا الأُصُولُ الثلاثةُ التي يجبُ على الإنسانِ معرفتُها؟ فقُلْ: معرِفةُ العبدِ رَبَّهُ، ودينَهُ، ونبيَّهُ محمدًا
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فإذا قيلَ لكَ: مَنْ رَبُّكَ؟ فقلْ: ربيَّ اللهُ الذي ربّاني ورَبَّى جميعَ العالمينَ بنعمِهِ
وهو معبودي ليس لي معبودٌ سواهُ. والدليلُ قوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ وكلُّ ما سِوَى اللهِ عالَم
وأنا واحدٌ من ذلكَ العالَمِ. فإذَا قيلَ لكَ: بِمَ عرفْتَ ربَّك؟ فقُل: بآياتِه ومخلوقاتِه؛ ومِنْ آياتِه الليلُ والنهارُ
والشمسُ والقمرُ، ومِنْ مخلوقاتِه السماواتُ السَّبْعُ ومن فيهن والأَرْضُونَ السَّبع ومَنْ فيهنَّ وما بينهما
والدليلُ قولُه تَعَالىٰ: ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ﴾ ، وقوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ
وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾
وقولُهُ تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذي خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ في سِتَّةِ أَيّامٍ ثُمَّ استَوى عَلَى العَرشِ
يُغشِي اللَّيلَ النَّهارَ يَطلُبُهُ حَثيثًا وَالشَّمسَ وَالقَمَرَ وَالنُّجومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمرِهِ أَلا لَهُ الخَلقُ وَالأَمرُ
تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ العالَمينَ﴾. والرَّبُّ هو المعبودُ. والدليلُ قولُه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ
فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾، قالَ ابنُ كثيرٍ -رحِمَهُ اللهُ تعالى-: «الخالقُ لهٰذه الأشياءِ هو المستحقُّ للعبادةِ».
وأنواعُ العبادةِ التي أَمَرَ اللهُ بها: مثلُ الإسلامِ، والإيمانِ، والإحسانِ؛ ومنهُ الدعاءُ، والخوفُ، والرجاءُ، والتوكلُ،
والرغبةُ، والرهبةُ، والخشوعُ، والخَشيةُ، والإنابةُ ، والاستعانةُ ، والاستعاذةُ ، والاستغاثةُ ، والذَّبْحُ، والنذرُ، وغيرُ ذلك من أنواع العبادةِ
التي أَمرَ اللهُ بها كلُّها لله تعالى. والدليلُ قوله تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾.
فمَنْ صَرَفَ منها شيئًا لغير الله فهو مشرِكٌ كافرٌ. والدليلُ قوله تعالى: ﴿وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ
فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾. وفي الحديثِ: «الدُّعَاءُ مُخُّ العِبَادَة». والدليلُ قوله تعالى:
﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾.
ودليلُ الخوفِ قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾.
ودليلُ الرَّجاءِ قوله تعالى: ﴿فَمَن كانَ يَرجو لِقاءَ رَبِّهِ فَليَعمَل عَمَلًا صالِحًا وَلا يُشرِك بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾
ودليلُ التَّوكُّلِ قوله تعالى: ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾
ودليلُ الرَّغْبَةِ والرَّهبَةِ والخُشوعِ قولُه تعالى: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾.
ودليلُ الخَشيةِ قوله تعالى: ﴿فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي﴾. ودليل الإنابةِ قوله تعالى: ﴿وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ﴾.
ودليل الاستعانةِ قوله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾،وفي الحديثِ: «إذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ باللهِ».
ودليل الاستعاذةِ قوله تعالى: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾، وقوله تعالى: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾.
ودليل الاستغاثةِ قوله تعالى: ﴿إِذ تَستَغيثونَ رَبَّكُم فَاستَجابَ لَكُم﴾. ودليل الذَّبْحِ قوله تعالى:
﴿قُل إِنَّ صَلاتي وَنُسُكي وَمَحيايَ وَمَماتي لِلَّهِ رَبِّ العالَمينَ * لا شَريكَ لَهُ﴾، ومِنَ السُّنَّةِ قوله صلى الله عليه وسلم:
«لَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ». ودليلُ النَّذْرِ قوله تعالى: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ﴾.