يعد هذا الكتاب طرازًا جديدًا في تفهيم الناس مقاصد التوحيد، وقد ركز فيه المؤلف على توحيد العبادة، وهو توحيد الألوهية والتحذير من الشرك الأكبر والأصغر، مع الكلام على توحيد الأسماء والصفات، وبيان الأدلة من الكتاب والسنة على خطر الشرك، وبيان ما بعث الله به رسله من التوحيد.

بذل المؤلف في هذه الرسالة الوُسعَ والطَّاقةَ في تحرير طريقةِ الفرقةِ الناجيةِ المنصُورَةِ أهلِ السُّنَّةِ والجمَاعة في هذه العقيدة تحرِيرًا بالِغًا دَقيقًا، فما تضمَّنتهُ هذه الرسالة هو ثمرةُ تتبُّع المؤلف لأقوالِ السلف، واستقرائِها، في أبواب الأسماءِ والصفاتِ واليومِ الآخرِ والإيمانِ والقدرِ والصحابة رضي الله عنهم، وهو مُعتمِدٌ في ذلك على ما جاء في الكتاب والسُّنَّةِ وإجماع السلف رضي الله عنهُم، وهي على صِغَرِها اشتمَلَت على غالبِ مسائل الاعتقاد، إضافةً إلى بيان المسلك العمَلِي الخُلُقي لأهل السنة والجماعة. وقد وُضِع لها القَبُول في الأرض، فتلقَّفَها طُلابُ العلم، وَدَرَسُوها، وتدارَسُوهَا، ودَرَّسُوها، وحَفِظُوها جيلًا بعدَ جيلٍ، وهي بحقٍّ من أجمعِ وأخصرِ ما كُتب في عقيدةِ أهلِ السنة والجماعة.

سلَكَ الطَّحَاوي في عقيدَتِه منهجَ التَّقريرِ والعَرْض، وكان ذلك بأَوجَزِ عبارَةٍ، دون خَوضٍ في التفاصيل والأدِلَّة، وتُعتَبر عقيدَتُه منَ المُؤلَّفَات الشَّامِلَة لأغلَبِ مسائِلِ الاعتِقَاد، حيثُ يذكرُ فيهَا ما يتعلَّقُ بالتَّوحيدِ، والصِّفَات، والقَدَر، ومَسائِلِ الأسمَاءِ والأحكَامِ، والنبوَّات، ومَسائِل اليومِ الآخِر، والصحابَةِ، والإمَامَةِ. ولَم يعرِضِ الطحَاوِيُّ لأقوَال المُخالِفِين وأدِلَّتِهم، وإنَّمَا اكتَفَى بعرضِ عقيدَتِه باختصارٍ، كما أنَّهُ لم يُقسِّم الكتاب إلى أبوابٍ وفصُول، وإنما عرض لعقيدَتِه بدُون تقسِيم.