من أشهَرِ المنظُومَاتِ الفقهِيَّةِ مُطلَقًا في الفقهِ المَالِكِيّ، وفي بلاد المغرِب على وجهِ الخُصوص، وهي على صِغَر حَجمِهَا حَاوِيَةٌ لفوائِدَ علمِيَّةٍ كثيرةٍ جِدًّا، فهِيَ غزيرَةُ الفوائِدِ، رغمَ صِغَرِ حجمِهَا، والسَّبَب في ذلِكَ أنَّكَ لا تكادُ تجدُ فيها حَشْوًا، بل كُلُّ كلمةٍ في النَّظمِ إلا النادر له فائدةٌ. والناظمُ يوافِقُ المَشهُور في المَذهَبِ المالِكِي، خاصةً ما استقرَّ عليهِ المَذهبُ بَعدَ مُختَصَر خليلٍ رحمَهُ اللهُ، والذي صارَ المُعتَمَد في الفتوى، وهذا الذي جعل المُتَأخِّرِين يحرِصُون على هذه المنظُومَةِ كَثِيرًا.

مختصر يحوي زبدة المذهب المالكي، ألفت لأطفال المسلمين، وقد تضمنت مقدمة عقدية، وخاتمة تضمنت مواضيع متنوعة يصعب وضعها تحت قسم من الأقسام الفقهية. وهي من مؤلفات المالكية المتقدمة، وبالرغم من تقدم زمان تأليفها إلا إنها حظيت بكثير من الشروح، وبقي حضورها إلى يومنا هذا، وهذا مما يعز وجوده في المتون العلمية.

من أهم وأشهر متون المالكية، مع اختصار عبارته الشديد، وهو متن نثري جامع لما عليه الفتوى في المذهب، وإذا تساوت الأقوال عنده في الدرجة فإنه يكتفي بالإشارة إلى الخلاف الحاصل، ثم يبين موقف العلماء الذين اعتمدهم ومال إلى ترجيحهم، ويتوسع في المصادر التي اعتمدها، وإن كان الغالب فيها «المدونة» و«التهذيب». وامتاز المختصر بدقة لغته، واختيار الألفاظ، وحسن توظيف الروابط وترتيبها، والقدرة على جمع النظائر الفقهية، وقد بلغت فروعه عددًا ضخمًا، حتى قالوا: إنها حوى مئة ألف مسألة منطوقة، ومثلها مفهومة، بل قال الهلالي معلقًا: (هذا باعتبار أصول المسائل، إذ لو اعتبر ما يتفرع عنها لزادت على ذلك بأضعاف مضاعفة). وقد عكف عليه العلماء فهمًا وشرحًا واختصارًا ونظمًا وحفظًا، سيما في بلاد المغرب. وكانت شهرته أولًا بشرح بهرام عليه.